الخميس، 20 ديسمبر 2018

شبهة فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ

شبهة
 
 (فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ۚ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)
 

قبل أن أتطرق الى الآية أود أن أوجه لك مجموعة من الأسئلة الاعتراضية ..
هل تظن أن من عاش مدة 13 سنة فى مكة يدعوا سرا وجهارا متعرضا لأذى المشركين بمختلف ألوانه وهو يقول يا قوم قولوا لا اله الا الله تفلحوا قد حدث له شك فى دعوته ولو للحظة ؟!
هل تظن أن من صبر على حصار مدته ثلاث أعوام صبرا على دعوته شك ولو للحظة واحدة ؟!
هل تظن أن من وصفه المشركون بالشعر وبالجنون وبالكهانة وصبر على ذلك فى سبيل دعوته شك ولو للحظة واحدة ؟!
هل تظن أن من حاول المشركون خنقه وهو واقف يصلى ولم يصده ذلك عن دعوته شك ولو للحظة واحدة ؟!
هل تظن أن من يلقى على ظهره سلى الجذور وهو ساجد لربه وصبر على ذلك فى سبيل دعوته شك ولو للحظة واحدة ؟!
هل تظن أن من ذهب الى الطائف هذه المسافة الكبيرة فى سبيل دعوته وسلط أهلها عليه سفهائهم حتى أدموا قدميه الشريفتين وصبر على ذلك فى سبيل دعوته شك ولو للحظة واحدة ؟!
اقول لك ان هذه بعض صور الايذاء فى الفترة المكية فقط والتى تحكى حال نبينا محمد ﷺ وصدق نبوته ويقينه فى موعود ربه لذلك تحمل كل هذا الأذى فى سبيل رسالته ودعوته ..
وهناك الكثير والكثير من المواقف لكن تعالى بنا الى الآية:

( فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ ۚ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)
فكلمة (في) دلت علي الظرفية المجازية كالتي في قوله تعالى : (فلا تكُ في مرية مما يعبد هؤلاء)
 ويكون سوق هذه المحاورة إلى النبي ﷺ على طريقة التعريض لقصد أن يسمع ذلك المشركون فيكون استقرار حاصل المحاورة في نفوسهم أمكن مما لو ألقي إليهم مواجهة . وهذه طريقة في الإلقاء التعريضي يسلكها الحكماء وأصحاب الأخلاق, متى كان توجيه الكلام إلى الذي يقصد به مظنة نفور كما في قوله تعالى :
(لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكُونَنّ من الخاسرين)
 (لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ فلا تكونن من الممترين)أي: الشاكين
(وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
هل كان الرسول ﷺ ليشرك بربة وهل كان من الشاكين المكذبين؟ طبعا لا ,لكننا نجد  في هذا النوع من الإلقاء رفق بالذي يقصد سوق الكلام إليه من المشركين ,كما في قصة الخصم من اللذين اختصما إلى داود المذكورة في سورة ص .
  (فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك) جوابا للشرط - فالمخاطب الرسول ﷺ تعريضا لاعلام السامعين بانهم  يقتضي عليهم ان يسألوا اهل الايمان والصدق منهم كعبد الله بن سلام ونحوة,مما لا يكتمون الحق، وأنهم يشهدون به ، ولا يتحرجون في اظهار القصص الموافقة للقران الموجودة في كتبهم واعلانها والشهادة بها,بما يزيل الشك عن نفوس المشركين وبذلك يلتئم التلازم بين الشرط والجواب كما دلت علية لقد جاك الحق من ربك.
فجملة : (لقد جاءك الحق من ربك) مستأنفة استئنافاً بيانياً لجواب سؤال ناشىء عن الشرط وجوابه ، كأنّ السامع يقول : فإذا سألتهم ماذا يكون ، فقيل : لقد جاءك الحق من ربك .
ولما كان المقصود من ذلك علم السامعين بطريق التعريض لا علم الرسول ﷺ لأنه ليس بمحل الحاجة لإعلامه بأنه على الحق قرنت الجملة بحرفي التأكيد ، وهما : لام القسم وقد ، لدفع إنكار المعرّض بهم .
وبذلك كان تفريع (فلا تكونن من الممترين)
(وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
  يخاطب بها الرسول ﷺ أيضاً
تعريضاً بالمشركين وتحذيرهم من الشك وتكذيب ايات الله لِئَلاّ يكونوا من الخاسرين.
 حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال ، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (فإن كنت في شك مما أنـزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) ، قال: بلغنا أن رسول ﷺ قال: لا أشك ولا أسأل.
مما يدل ان المخاطب الكافر المشرك وليس رسول الله,الذي لا يشك ولا يسأل


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق